شرح محطات توليد الكهرباء النووية

الشرح السابق :مكونات النظام الكهربائي فى محطة توليد الكهرباء الغازية:



محطات توليد الكهرباء النووية:

      محطات التوليد النووية هى نوع من محطات التوليد الحرارية ، لأنها تعمل بنفس المبدأ وهو تو ليد البخار بالحرارة ثم يقوم هذا البخار بتدوير التوربينات التي بدورها تدير الجزء الدوار من المولد الكهربائي وتتولد الطاقة الكهربائية على أطراف الجزء الثابت من هذا المولد.
     الفرق الرئيسـى بين المحطات البخارية التقليدية والمحطات النووية هو أنه فى محطات التوليد النووية يسـتبدل الفرن الذي يحترق فيه الوقود بمفاعل نووى Reactor تتولد في ه الحرارة نتيجة انشــطار ذرات اليورانيوم وتســتغل هذه الطاقة الحر ارية الهائلة في تبخير المياه في الغاليات وتحويلها إلى بخار ذي ضغط عالــى ودرجة حرارة مرتفعة جدا .
     و الـ Reactor يحتاج إلى جدار عازل وواق من اإلشعاع الذري ولذا فهو يتكون من طبقة من اآلجر الناري وطبقة من المياه وطبقة من الحديد الصـــلب ثم طبقة من الأســـمنت تصـــل إلى ســـمك مترين وذلك لحماية العاملين في المحطة والبيئة المحيطة من التلوث بالإشعاعات الذرية.
    وكانت أول محطة توليد حرارية نووية في العالم نفذت في عام 1954 وكانت في الاتحاد الســوفياتي بطاقة 5 ميجاوات . و لا توجد محطات توليد نووية مستعملة في البلاد العربية حتى الآن .

1- أساسيات المحطات النووية:

    فيما يلى بعض الأساسيات الخاصة بدراسة الطاقة:

    1.1-طاقة الربط النووي

    تتكون نواة الهيليوم من بروتونين ونيوترونين ، وكان من المفترض أن يكون العلاقة بينهم كما فى الشــكل التالي:

ولكن بمراجعة الأوزان الفعلية تبين أن : 
• تبلغ كتلة نواة الهيليوم 4.0015 وحدة كتلة ذرية . 
• تبلغ كتلة البروتون 1.0073 وحدة كتلة ذرية . 
• تبلغ كتلة النيوترون 1.0087 وحدة كتلة ذرية .
    وبما أن نواة الهيليوم تتألف من بروتونين ونيوترونين ، لذا يمكن حساب كتلة نواة الهيليوم على النحو التالي : 
• كتلة بروتونين =2x1.0073  كتلة نيوترونين = 2x1.0087
• كتلة بروتونين = 2.0146 كتلة نيوترونين = 2.0174

   مجموع كتـــل البروتونـــات والنيوترونـــات = 2.0146 + 2.0174 = 4.0320 وحـــدة كتلـــة ذريـــة ،  وبمقارنة كتلة الهيليوم الفعلية بمجموع كتل مكونات نواتها يالحظ أن هنالك فرق  في الكتلة كما فى الشكل:
    يبلغ الفرق في الكتلة بين نواة الهيليوم الفعلية ومجموع مكوناتها 0.0305 وحدة كتلة ذرية ، وقد تمكن الفيزيائي الألماني الأمريكي الشهير ألبرت أينشتاين (Albert 1955-1879 Einstein) في عام 1907م من خلال التحليل الرياضي البحت أن يثبت أن الطاقة (energy) والمادة(mass) ما هما إلا وجهان لعملة واحدة أي أن المادة يمكن أن تتحول إلى طاقة والطاقة يمكن أن تتحول إلى مادة. ولقد تمكن أينشتاين من وضع معادلته المشهورة:    E = m C² 
  و تدعى هذه الطاقة بطاقة الربط النووي BINDING  ENERGY . 
   فعلى ســـــبيل المثال فإن الطاقة النووية الناتجة عن تحويل جرام واحد من المادة بكامله إلى طاقة يســـــاوي 85 ألف مليون وحدة حرارية بريطـانيـة BTU ، والذي يســاوي 25 مليون كيلووا ت سـاعة ، أو ما يعادل الطاقة الناتجة عن حرق ما يقرب من خمسة آلاف طن من الفحم الحجري.

ملحوظة هامة: 
   1 .عند انشــطار كيلوجرام واحد من اليورانيوم 235 فإن الفرق بين كتلة المادة قبل وبعد عملية الانشــطار يسـاوي جرام واحد أى أن جراما واحدا تحول إلى طاقة وبقى 999 جرام كنفايات ، ولذا قد تجد نفس العبارة السابقة مذكورة فى مرجع آخر ولكن بدلا من كلمة جرام ستجد كلمة كيلو جرام ولذا وجب التمييز.
   2 .محطة توليد كهربائية بقدرة ألف ميجاوات تحتاج يوميا لتشـغيلها إلى كيلوجرامين فقط من اليورانيوم 235 القابل لالنشــطار (المخصـب فعليا). وهذه الكمية من الوقود يمكن توفيرها من خلال تزويد المفاعل بخمســين كيلوجرام من اليورانيوم المخصــب بنســبة أربعة بالمئة )18 طن ســنويا وتصــل إلى 30 طن إذا نســبة التخصـيب أقل) ، وتبقى هذه الكمية من الوقود قليلة جدا بالمقارنة مع 3 مليون طن من الفحم الحجري تلزم لتشغيل نفس المحطة سنويا.

1.2-فكرة الطاقة النووية :

  تفاعل الانشطار النووي هو التفاعل الذي يتم من خلاله إنتاج طاقة حرارية وضوئية عالية بالإضافة إلى جسـيمات مثل بيتا (β) وألفا  (α) ويتم تحرير الطاقة النووية من خلال قصـف نواة اليورانيوم 235 بنيوترون كما فى الشـكل أسفله ، ينتج عن هذا التصـادم جزيء جديد غير مسـتقر سـرعان ما تنشـطر إلى جزيئين ، بالإضافة إلى 2 إلى 3 نيوترونات ، و التى بدورها سـتصـطدم بذرات يورانيوم أخرى ، وبالإضافة إلى المنتج الأهم وهو الطاقة الحرارية.
   وهكذا تستمر عملية تحرير الطاقة وإنتاج نيوترونات ضمن ما يعرف بالتفاعل المتسلسل. و تبلغ كمية الطاقة التي تنبعث جراء انشطار ذرة واحدة من اليورانيوم 235 حوالى مائتين وإثنين مليون إلكترون فولت
    والأمثلة التالية هامة جدا فى تقدير حجم الطاقة المحررة من هذه التفاعالت النووية.
  
  تنتج مفاعالت الطاقة النوو ية كمية هائلة من الطاقة الكهربية من كمية صغيرة من الوقود  فبضعة جرامات من اليورانيوم تعطى كمية من الطاقة تكافئ ما ينتجه طن واحد من الفحم .وهي كم ّ كمية تكفي لتشغيل كهرباء  منزل لمدة  أربعة أشهر تقريبا، دون أي انبعاث للكربون .

ملحوظة : إنتاج 1 جيجاوات ساعة من محطة تعمل بالفحم ينتج عنها انبعاث 1041 طن من CO2.

1.3-تخصيب اليورانيوم 

    على الرغم من أن جميع أنوية ذرات العناصر تحتوي على كميات متفاوتة من هذه الطاقة الكامنة إلا أن العلماء لم يتمكنوا من الحصول عليها إلا من خلال شطر أنوية بعض العناصر الثقيلة كاليورانيوم 235 (235 Uranium) المتوفر في الطبيعة ، والبلوتونيوم 239 (239 Plutonium ) المصنع من اليورانيوم 238 ، و اليورانيوم 233 ( 233 Uranium ) المصنع من الثوريوم 232 ( Thorium) وذلك من خلال عمليات الانشطار النوويnuclear fission . 
   ويتميز اليورانيوم 235 عن غيره بأن انشطار ذرته لا يتطلب طاقة عالية للنيوترونات المقذوفة بل أن الانشطار قد يتم بالنيوترونات الحرارية أو البطيئة والتي تقل طاقتها عن نصف إلكترون فولت .
   وبصفة عامة ، تعتمد شدة التفاعل النووي المتسلسل على نسبة اليورانيوم – 235 في الوقود النووي ، فكلما كان اليورانيوم نسبته عالية كانت كمية الطاقة الناتجة أعلى ، ومن هنا تكمن الحاجة لفصل نظائر اليورانيوم عن بعضها للحصول على اليورانيوم – 235 أنقى وهذه العملية تسمى بعملية تخصيب اليورانيوم .enrichment process .

ملحوظة: 
   أن نسبة اليورانيوم القابل للانشطار وهو اليورانيوم 235 في اليورانيوم الطبيعي نسبة متدنية لا تتجاوز سبعة بالعشرة بالمئة ولهذا فإنه يلزم رفع هذه النسبة بمقدار يتحدد من نوع الاستعمال.
   ففي القنابل الذرية يلزم أن تكون النسبة أعلى من تسعين بالمئة بينما تحتاج المفاعلات النووية الصغيرة (compact reactors nuclear) المستخدمة في الغواصات وحاملات الطائرات إلى نسب تصل إلى عشرين بالمئة وأما معظم أنواع المفاعلات النووية والتي تعمل بالماء الخفيف فتعمل بنسب تتراوح بين 3 % و 5 % بينما يعمل بعضها باستخدام اليورانيوم الطبيعي كمفاعلات الماء الثقيل.
    ومن الصعب فصل نظائر اليورانيوم عن بعضها بطرق كيميائية لأن نظائر العنصر الواحد متشابهه في السلوك الكيميائي ، إلا أن اختلاف النظائر في السلوك الفيزيائي يسهل علينا فصلها عن بعضها ، فالنظيرين اليورانيوم – 235 ، واليورانيوم – 238 يختلفان عن بعضهما في الكتلة.
  و العلماء الذين عملوا على صناعة القنبلة النووية اكتشفوا العديد من الطرق لفصل نظائر اليورانيوم ، منها آلات الطرد المركزى التى استخدمها العلامة عبد القدير خان (أبو القنبلة الذرية فى باكستان)، ومنها أيضا طريقة الانتشار الغازي والتي تعتمد على الاختلاف البسيط في الانتشار خلال غشاء شبه منفذ بين اليورانيوم – 235 92U235 و  اليورانيوم – 238 92U238 مما يؤدي إلى اتخاذ كل منهما مسارين مختلفين عند التأثير عليهما بمجال كهرومغناطيسي مما يؤدي إلى فصلهما.

    ويتطلب تخصيب كيلو جرام واحد من اليورانيوم بنسبة 5 % حوالى عشرة كيلوجرامات من اليورانيوم الطبيعي بينما يلزم لتخصيب كيلو جرام واحد من اليورانيوم بنسبة 90 % إلى ما يزيد عن 150 كيلوجرام من اليورانيوم الطبيعي.
   ويطلق على اليورانيوم الطبيعي غير المخصب الناتج عن عملية التخصيب باليورانيوم المخصب (Uranium depleted) حيث أنه يحتوي على نسبة متدنية من اليورانيوم 235 لا تتجاوز ثلاثة بالعشرة بالمئة أي أنها أقل من تلك في اليورانيوم الطبيعي. و عملية التخصيب مكلفة جدا ولذلك فإن سعر الكيلو جرام الواحد من اليورانيوم المخصب بنسبة 5 % قد يصل إلى ألفي دولار.

1.4-مكونات المفاعل النووي :

     الشكل جانبه يظهر فيه مكونات المفاعل كما يلى:
1 .مركز المفـــاعـــل أو قلـــب المفـــاعـــل وهو الجزء الـــذي يحتوي على وحـــدات الوقود النووي وتتم فيـــه سلسلة الانشطار النووي .
2 .السـائل المهدئ moderator و يســـتعمـل المـاء عـادة لخفض ســـرعـة النيوترونـات وبـالتـالي معدل الانشــطار النووي كما أنه ينقل الحرارة الناتجة من التفاعل النووي ويتحول جزء منه إلى بخار عالـــى الضغط ، يستغل في تشغيل التوربين .
3 .هيكل الاحتواء : يحتاج المفاعل إلى جدار عازل وواق من الإشـعاع الذري وهو يتكون من طبقة من الآجر الناري وطبقة من المياه وطبقة من الحديد الصلب ثم طبقة من الأسمنت تصل إلى سمك متر ونصـــف أو مترين وذلك لحماية العاملين في المحطة والبيئة المحيطة من التلوث بالإشـــعاعات الذرية . 
4 .مبادلات حرارية :يخرج بخار الماء بضغط يبلغ 400 ضـــــغط جوي وتكون درجة حرارته نحو 450 درجة مئوية بواســـطة أنابيب متينة من المفاعل إلى المبادالت لفصـــل دائرتي الماء ، فالدائرة األولى ُ التي تلف في المفاعل وهذه تكون عالية اإلشعاع نظرا لتالمسها مع الوقود النووي . فصل عن لذلك ت الدائرة الثانية للماء الســـــاخن المضـــــغوط ، ويتحول هذا الماء في الدائرة الثانية عند مغادرته المبادل الحراري إلى بخار ماء عالي الضغط والحرارة ويوجه إلى توربين لتوليد الكهرباء .
5 .مولد كهربائي عملاق يديره التوربين ويولد التيار الكهربائي.
    و بذلك تتحول الطاقة النووية إلى طاقة حرارية ثم إلى طاقة حركة للتوربين و المولد الكهربائي الذي يحولها إلى طاقة كهربية لتشغيل المصانع وإنارة المنازل.
   وداخل المفاعل النووي من الداخل توجد أيضـا أعمدة الوقود  الشــكل التالي و هى تحتوي على نسـبة تخصـيب 3 إلى 5 في المئة من اليورانيوم 235 . وداخل المفاعل أيضـا يوجد المهدئ وهو أما الماء الخفيف أو الثقيل ووظيفته أنه يقوم بتقليل ســرعة النيوترونات لغرض الوصـول إلى السـرعة المطلوبة لحدوث التفاعل المتسلسل. فالنيوترونات السريعة جدا لا يمكن لها أن تنشطر نواة اليورانيوم 235. 
   
  ويتكون قضـيب الوقود من أنبوبة من الفولاذ لا يتجاوز قطرها الداخلي السـنتيمتر الواحد وسـمكها عدة ملليمترات وبطول قد يصـل إلى خمســة أمتار وتعبأ بقطع من المخصـب على شــــكل أقراص أســــطوانية صغيرة (pellets) حيث يصـل وزن القضـيب بعد التعبئة إلى عدة كيلوغرامات.
    وعادة ما يتم جمع قضـبان الوقود على شــكل حزم ( fuel assemblies) تتألف الحزمة الواحدة ما بين 200 و 300 قضـــيب وقود ليســـهل إدخالها وإخراجها من قلب المفاعل دفعة واحدة. ويتراوح عدد الحزم ما بين 150 و 250 حزمة أي أن المفاعل قد يحتوي على 50 إلى 150 طن من اليورانيوم الطبيعي أو المخصـب. و هذه الكمية من الوقود تكفي لتشـــغيل المفاعل لمدة قد تصـــل إلى ســـنتين مما يعني أن تغذية المفاعل تتم كل سنة أو سنتين وعادة ما يتم إيقاف المفاعل بشكل كامل لتزويده بالوقود .

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق