المصباح الكهربائي


بسم الله الرحمان الرحيم

نبدة  تاريخة عن المصباح  الكهربائي


يعتبر اختراع المصباح الكهربائي من أهم الاختراع في تاريخ البشر وأكثرها فائدة لهم فقد حولت هذه المصابيح ليلهم إلى نهار في داخل البيوت والمكاتب والمصانع والشوارع ويتم إضاءتها من خلال كبسة زر في أقل من ثانية. 

لقد أراحت المصابيح الكهربائية البشر من عناء عمليات تجهيز وإشعال وإطفاء مصابيح الشمع أو الزيت  أو الغاز والتي لا تضيء إلا أماكن محددة وبدرجات إضاءة متدنية مع ما يترتب على إشعال هذه المصابيح من تلوث لأجواء البيوت أو خطر احتراق أثاثها.

 وللقارئ أن يتخيل مدى الجهد الذي ستبذله ربات البيوت في تجهيز عدد كاف من مصابيح  الغاز لوضعها في مرافق بيت يتكون من عدة غرف وما يتبعها من غرف الضيوف والجلوس والمطبخ والحمامات.

 لقد بدأت المحاولات لتصنيع المصابيح الكهربائية مع اختراع مصادر توليد الكهرباء وهي البطارية والمولد الكهربائي في بداية القرن التاسع عشر.  
وكانت الفكرة الأساسية البسيطة التي حاول المخترعون بناء مصباح كهربائي عليها هي أنه إذا ما تم تمرير تيار كهربائي بقيمة عالية في سلك معدني رفيع جدا فإن الحرارة التي ستتولد فيه سترفع من درجة حرارته وستجعله يتوهج وينبعث منه الضوء إذا ما وصلت درجة حرارته إلى حد معين قد يصل إلى ثلاثة آلاف درجة مئوية.  
إن تنفيذ هذه الفكرة البسيطة ليست بالأمر السهل في غياب تقنيات التصنيع المناسبة ولذلك باءت كثير من هذه المحاولات بالفشل.

 إن عملية تصنيع مصباح كهربائي عملي يحتاج إلى شعيرات مصنوعة من معادن يمكن أن تصل حرارتها إلى درجة التوهج دون أن تذوب وكذلك يجب وضع الشعيرات في حيز مفرغ من الهواء أو يحتوي على غاز خامل لكي لا تحترق هذه الشعيرات بوجود الأكسجين.

 وفي عام 1879م قام كل من المخترع الأمريكي ثوماس أديسون (Thomas Alva Edison) والفيزيائي الإنكليزي جوزيف سوان (Joseph Swan) كلا على حدا بتسجيل براءة اختراع لمصباح كهربائي من النوع المسمى لمبة الضوء المتوهج (incandescent light bulb). 

وقد استخدم أديسون شعيرات من الكربون في المصابيح الأولى التي قام بتصنيعها وكانت اللمبات التي استخدمها مفرغة من الهواء وقد تم استخدام هذه اللمبات في عام 1880م لإضاءة البيوت والشوارع. 

 وقد قام كثير من المخترعين بإجراء تحسينات على لمبة أديسون منها استخدام بعض أنواع المعادن بدلا من الكربون فقد تم استخدام معدن التنغستون (tungsten) في عام 1911م ولازال هو المستخدم حتى الآن. 

وقد تم أيضا استخدام الغازات الخاملة كالنيتروجين والآرغون لملئ اللمبات الزجاجية بدلا من الفراغ بعد أن وجد أنها تزيد من شدة الإضاءة. 

وفي عام 1957م تم اختراع لمبات الهيلوجين وهي لا تختلف في مبدأ عملها عن اللمبات المتوهجة العادية فهي تعطي إضاءتها من خلال تسخين شعيرات التنغستون بالتيار الكهربائي ولكنه يتم إضافة عناصر هيلوجينية كاليود والبروم مع الغاز الخامل والتي تتفاعل مع ذرات التنغستون المتبخرة وتحول دون ترسبها على الجدار الزجاجي فيمنع إسودادها وحجبها للضوء المنبعث منها.

 وعادة ما يتم تصنيع لمبات الهيلوجين بأحجام صغيرة وباستخدام الكوارتز بدلا من الزجاج المستخدم في اللمبات العادية ويعمل هذا التصميم على رفع درجة حرارة اللمبة بشكل كبير مما يساعد على زيادة تفاعل الهيلوجين مع التنغستون المتبخر وكذلك زيادة كفاءة تحويل الطاقة الكهربائية إلى ضوء والتي قد تصل إلى ضعف اللمبات العادية.

 وتستخدم لمبات الهيلوجين في أجهزة العرض السينمائية والكشافات الضوئية المختلفة وفي أضوية المركبات.
 أما مصباح التفريغ الغازي (gas discharge lamp) فقد بدأ التفكير في اختراعه بعد أن قام الفيزيائي الألماني جوهان قيسلر (Johann Geissler) في عام 1856م باختراع مضخة التفريغ الزئبقية وتصنيعه للأنابيب الزجاجية المفرغة من الهواء والتي لعبت دورا كبيرا في اختراع كثير من الأجهزة المهمة كأنبوب الأشعة المهبطية (cathode ray tube) وأنابيب الأشعة السينية (X-ray tube) وكذلك مصابيح الفلورسنت.

 وقد جرت محاولات كثيرة لتصنيع مصباح كهربائي باستخدام أنابيب قيسلر المفرغة من الهواء أو التي تحتوي على بعض الغازات تحت ضغط منخفض وذلك بعد أن لاحظوا وجود توهج ضوئي عند القطب السالب للأنبوب.

 لقد تمت أول محاولة ناجحة لتصنيع مصباح تفريغ غازي على يد المهندس الكهربائي دانيال مور (Daniel Moore) في عام 1895م حيث استخدم غاز ثاني أكسيد الكربون وكذلك النيتروجين في هذه الأنابيب والتي كانت بالغة الطول وتحتاج لجهد عالي لتشغيلها.

 وفي عام 1901 تمكن المهندس الكهربائي الأمريكي بيتر هيويت (Peter Cooper Hewitt) من تصنيع مصباح تفريغ باستخدام بخار الزئبق وكانت أنابيبه ذات أطوال قصيرة وتعمل عند جهد منخفض نسبيا إلا أن الضوء المنبعث يميل للون الأزرق المخضر غير المريح للعين.

 وفي عام 1909م تمكن المهندس الفرنسي جورج كلاود (Georges Claude) من تصنيع مصباح تفريغ باستخدام غاز النيون (Neon) والذي لاحظ أنه يعطي ضوءا أحمر عند تفريغ تيار كهربائي من خلاله. 

وقد تم إجراء كثير من التحسينات على مصباح النيون من قبل كثير من المخترعين ليعطي الضوء الأبيض المريح للعين والذي تم من خلال طلاء باطن الأنبوب بمواد مستشعة (flourescent) كالفوسفور والفلورايت. 

يعتمد مبدأ عمل جميع أنواع مصابيح التفريغ الكهربائي على إحداث تفريغ كهربائي بين قطبين كهربائيين مثبتين عند طرفي أنبوبة زجاجية مملؤة تحت ضغط منخفض بأحد أنواع الغاز التي تتأين ذراتها عند مرور التيار الكهربائي فيها مطلقة ضوء غير مرئي كالضوء فوق البنفسجي أو مرئي بألوان تعتمد على لون الغاز.

 وللحصول على ضوء أبيض كالضوء القادم من الشمس ترتاح له العين عند رؤيتها للأشياء فإنه يتم طلاء باطن الأنبوب بمادة مستشعة كالفوسفور والفلورايت والتي تحول الضوء الأحادي اللون المنبعث من الغاز إلى ضوء أبيض.

 إن تركيب مصباح التفريغ الغازي ليس ببساطة تركيب مصابيح التوهج حيث يحتاج لعدة مكونات لكي يعمل فالتفريغ الكهربائي لا يمكن أن يتم إلا من خلال تسخين الأقطاب التي تنتج إلكترونات كافية لقدح عملية التفريغ وهذا يتطلب تمير تيار كهربائي من خلال دائرة موصولة على التوازي مع مسار التفريغ تسمى دائرة التشغيل (starter) وبمجرد بدء عملية التفريغ يجب فصل هذه الدائرة لتوفير استهلاك الطاقة مما يتطلب جهاز فصل تلقائي وغالبا ما يستخدم ثيرموستات الثنائي المعدني (Bi-metalic thermostat). 

وتحتاج هذه المصابيح لما يسمى بمنظم التيار (Ballast) حيث أن المقاومة بين طرفي الأنبوب تنخفض بشكل كبير بمجرد بدء التفريغ مما يزيد من شدة التيار والذي بدوره يقلل من قيمة المقاومة وهكذا دواليك منتجا بذلك ما يسمى المقاومة السالبة (negative resistance) ولذلك لا بد من استخدام جهاز للحد من ارتفاع التيار وغالبا ما تستخدم الملفات والمكثفات لهذا الغرض. تتميز المصابيح المستشعة (الفلورسنت) على المصابيح المتوهجة بعدة ميزات منها كفاءة تحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة ضوئية حيث تصل إلى 25% في المصابيح المشعة بينما لا تزيد عن 10% في المصابيح المتوهجة ومنها العمر التشغيلي حيث يزيد في المصابيح المشعة بعشرين ضعف عنه في المصابيح المتوهجة والذي لا يتجاوز عمرها في المعدل الألف ساعة.

 ومقابل هذه الميزات يوجد بعض السيئات للمصابيح المستشعة وهي كبر حجمها فلا تصلح للاستخدام في الأماكن الضيقة وكذلك تعقيد تركيبها وبالتالي ارتفاع ثمنها إلى جانب وجود بعض المخاطر على صحة البشر نتيجة تسرب الأشعة فوق البنفسجية خارج الأنبوبة وتلوث المكان ببخار الزئبق السام في حالة تحطمها وكذلك حاجتها لعدة ثواني لكي تعطي ضوءها.

 وفي السبعينات من القرن العشرين ظهرت المصابيح المستشعة المدمجة (compact fluorescent lamp) وهي مصابيح تفريغ بأنابيب قصيرة ملتفة على نفسها لتصغير الحيز الذي تحتله ويستخدم فيها منظمات تيار إلكترونية بدلا من الملفات الكبيرة الحجم وقد تم تصميم أقطابها بحيث توضع على لقواعد مشابهة لقواعد المصابيح المتوهجة وبذلك يمكن تركيبها على نفس مقابس المصابيح المتوهجة.

 ومن أنواع مصابيح التفريغ المصابيح المسماة مصابيح التفريغ عالية الكثافة (High-intensity discharge (HID) lamp) وهي لا تختلف في تركيبها العام عن مصابيح التفريغ العادية فهي مكونة من أنبوبة زجاجية بقطبين من التنغستون وعند تسليط جهد بين القطبين يحدث تفريغ كهربائي بينهما وعندما يمر هذا القوس الكهربائي خلال ذرات بعض العناصر كبخار الزئبق أو الصوديوم أو الزينون فإنه يولد ضوءا عاليا يستفاد منه بشكل مباشر وذلك على عكس مصابيح التفريغ العادية التي يعمل فيها ضوء القوس على إثارة ذرات المواد المستشعة التي يطلى بها باطن الأنبوب فتطلق الضوء المطلوب.
 وتولد مثل هذه المصابيح ضوءا شديدا وبكفاءة عالية ولكن هذا الضوء يحتوي على نسبة عالية من الضوء فوق البنفسجي الضار بالإنسان ولذا يستخدم في إضاءة الأماكن العامة كالشوارع والملاعب والساحات وغيرها. ويوجد آليات متعددة لتوليد الضوء منها ظاهرة الإنبعاث الكهروضوئي (Electroluminescence) والمستخدمة في الثنائيات الباعثة للضوء (Light Emitting Diodes) والليزرات (lasers) حيث تولد الضوء مباشرة من التيار المار في مواد شبه موصلة وغالبا ما تستخدم هذه المصادر كمؤشرات بسبب صغر حجمها وقلة ضوئها وقد تستخدم كمصدر للإضاءة في بعض المصابيح اليدوية والإشارات الضوئية نظرا لطول عمرها التشغيلي الذي قد يصل لعشرات الآلاف من الساعات.
انـــتــــهــــــى

أتمنى أن أفيدك بهدا الموضوع 
والى موضوع جديد ان شاء الله
والحمد لله رب العالمين.
لا تنسى. لايك لصفحتي على الفيسبوك

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق